ولد ابن رشد، أعظم فلاسفة العرب، عام520هـ 1126م، وتوفي عام595هـ 1198م. وحورب في عصره وظل منفيا فترة من الزمان، وبعد عودته من المنفى ظل مهجورا في منزله حتى وفاته. أما بالنسبة لمصير فكره بعد وفاته، فقد قمنا إما بالهجوم عليه تارة، أو إساءة فهم أفكاره تارة أخرى، وكأن فلسفته قد نبتت في واد غير ذي زرع.
إذا درسنا كتب ابن رشد وأفكاره، نستطيع تقديم حلول لأكثر مشكلاتنا. فإذا كنا نتحدث حتى اليوم في قضية وهمية زائفة هي قضية الغزو الثقافي، فإننا نجد ابن رشد ومنذ أكثر من ثمانية قرون، يدعونا إلى ضرورة الانفتاح على أفكار الآخرين، فالانفتاح يمثل النور والتنوير، أماالانغلاق على الذات، فإنه يعد ظلاما في ظلام. والنور يؤدي إلى التقدم، والظلام يؤدي بنا لا محالة إلى التأخر والانغلاق.
كان ابن رشد صاحب أصرح دعوة إلى الاعتماد على العقل والمعقول، بحيث أصبح عميد الفلسفة العقلية في بلداننا العربية مشرقها ومغربها. كان مؤمنا بأهمية التأويل بالنسبة للنصوص الدينية، وكم أثنى عليه أعظم مشايخنا من المعاصرين، واعني به الإمام الشيخ محمد عبده، واهتم بدراسة بعض أفكاره. وقف على قمة عصره لبروز الحس النقدي لديه، وذلك حين وجه سهام النقد إلى أكثر المفكرين الذين سبقوه، مثل:نقد الأشاعرة، ونقد الغزالي، وقبله ابن سينا، ونقد الصوفية نقدا عنيفا، وحلل أسباب نقده.
وصاحب الحس النقدي – طبقا لما ذهب إليه أكثر مؤرخي الفلسفة - يقف على قمة عصره، فأرسطو قبل الميلاد وقف على قمة عصره لبروز حسه النقدي، ونجد هذا عند القديس توما الإكويني، وعند الفيلسوف الألماني كانط، ألا يكفينا فخرا نحن العرب أن يكون لدينا مفكر من هؤلاء المفكرين الأريعة يقف على قمة عصره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق