الموضة
في العام 1482م ظهر مصطلح "الموضة" للمرة الأولى في فرنسا كدلالة على بعض التغييرات الطفيفة في الألبسة المخصصة للنخبة.
وظهرت أولى المجلات المتخصصة بالموضة في فرنسا في القرن السادس عشر ومعها انتشرت "الدمى الفرنسية" أي العارضات القماشية التي يتم إلباسها وتتبادلها السيدات لترويج التصاميم. وفي القرن التاسع عشر ظهرت أولى المتاجر التي تبيع ألبسة جاهزة بأسعار مخفضة.
ويمكن الحديث عن تاريخ الموضة ابتداءا من العام 1858م، مع المصمم شارل فريدريك وورث الذي كان أول من خطرت له فكرة عرض الأزياء، وكان حينذاك يجعل عارضاته يتبخترن في صالونات تؤمها السيدات ليخترن من تصاميمه.
وكان لـ"اللباس" أو"الكسوة" صفة وظيفية حصرا في العصور الغابرة، كالحماية من التغييرات المناخية والعوامل الخارجية ونظرة الآخرين. ولكن مع الوقت دخل القماش والزينة لتجعل من تلك "الكسوة" زيا له وظيفة جمالية، أضيفت إليه لاحقا الجواهر والعطور.
وترتبط نهضة "الموضة" الفعلية بمحطة أساسية هي الثورة الصناعية والإنتاج بالجملة، ونشوء طبقة وسطى مدينية مستهلكة لها، إضافة إلى إعلام لاوجها وساهم في انتشارها. فصارت تضم مجموعة ظواهر متشابكة منها الإبداعي والصناعي والتجاري والاجتماعي الطبقي.
وباتت الموضة راسخة اليوم كمؤشر واضح في مجتمعات تميل أكثر فأكثر إلى نمط الاستهلاك السريع. فإذا كان الشاري سابقا يفضل سترة كلاسيكية مصنوعة من صوف انجليزي متين مقاوم لمرور الزمن، صار اليوم يفضل شراء سترتين تراعيان الذوق الرائج (أي الموضة) وبتكلفة أقل وإن كان سيتم الاستغناء عنهما في الموسم المقبل لقلة جودتهما.
وكان التخلي عن بعض مستلزمات الموضة واعتماد أساليب أخرى مسألة ثورية بحد ذاتها. فالتخلي عن مشدات الخصر التي تعوق التنفس أحيانا كان مفصلا أساسيا في حركة تحرر المرأة، تماما كما كان التخلي عن حمالة الصدر في الستينيات دليلا على التحرر الجنسي الذي رافق صعود حركة "الهيبيز". وصار الرجال يطيلون شعورهم ويلبسون القمصان المزركشة التي تشبه القمصان النسائية فوق سراويل قطن زرقاء "ثورية" بدورها...أو الجينز، الذي كان حكرا على عمال أمريكا. ونشأ مفهوم "اليونيسيكس" في اللباس والعطور من دون تمييز بين الجنسين وصار ما يصح هنا يصح هناك، وكل ما يخطر ببال...موضة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق